للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من قبره هامة هي بتخفيف الميم على المشهور، وقيل بتشديدها، وفيها تأويلان: أحدهما: أن العرب كانت تتشاءم بها وهي من طير الليل وقيل: هي البومة قالوا: كانت إذا سقطت على دار أحدهم فرآها ناعية له نفسه أو بعض أهله وهو تفسير مالك بن أنس، وثانيهما: كانت تعتقد أن عظام الميت، وقيل: روحه تنقلب هامة تطير وهذا تفسير أكثر العلماء وهو المشهور، ويجوز أن يكون المراد النوعين معاً وأنهما باطلان، "ولا صفر" ١ قال أبو داود في سننه: قال بقية سألت محمد بن راشد عنه قال: وكانوا يستشئمون بدخول صفر فقاله النبي صلى الله عليه وسلم قال: وسمعت من يقول هو وجع يأخذ في البطن يزعمون أنه يعدي قال أبو داود: وقال مالك: كان أهل الجاهلية يحلون صفر عاماً ويحرمونه عاماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صفر، وقيل: كانت العرب تعتقد أن في البطن دابة تهيج عند الجوع وربما قتلت صاحبها، وكانت العرب تراها أعدى من الجرب وهذا التفسير هو الصحيح وبه قال مطرف وابن وهب وأبو عبيد وغيرهم، وقد ذكره مسلم عن جابر بن عبد الله راوي الحديث فتعين اعتماده، قال الراغب: سمعت العرب يعنون بالصفر الذي هو بالجوف حية الجوف من حيث إنه يتألم به الجوف وذلك أن العرق الممتد من الكبد إلى المعدة إذا لم يجد غذاء امتص آخر المعدة فاعتقدت جهلة العرب أن ذلك حية في البطن يعض الشراسيف حتى نفى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا صفر، وأنشد الأعشى:

لا يعمر الساق من أين ولا تعب ... ولا يعض على سرسوفه الصفر

ويحتمل أن يكون نفياً لما يتوهم أن شهر صفر يكثر فيه الدواهي والفتن أخرجاه، زاد مسلم ولا نوء الأنواء منازل القمر وكانت


١ أخرجه البخاري (٥٧٥٧) ومسلم (٢٢٢٠) من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>