٢- لاحظت في بعض المواضع أن بيان الحق لم يحسن تلخيص ما في مصدره، فأصابه شيء من الخلل. ومن ذلك ما جاء في غريب أبي عبيد في تفسير قول أبي بكر رضي الله عنه:"طوبى لمن مات في النأنأة" قال أبو عبيد بعد ذكر سند الحديث: "أما المحدثون فلا يهمزونه. قال الأصمعي: هي النأنأة - مهموزةً - ومعناها: أول الإسلام، وإنما سمي بذلك، لأنه كان قبل أن يقوى الإسلام ويكثر أهله وناصره، فهو عند الناس ضعيف. وأصل النأنأة: الضعف، ومنه قيل: رجل نأنأ، إذا كان ضعيفاً. قال امرؤ القيس يمدح رجلاً:
لعمرك ما سعد بخلة آثم ... ولا نأنأٍ عند الحفاظ ولا حصر
قال أبو عبيد: "ومن ذلك قول علي رضي الله عنه لسليمان بن صرد. وكان تخلف يوم الجمل ثم أتاه بعده، فقال له علي: تنأنأت وتربعت وتراخيت فكيف رأيت الله صنع".
وبعدما ذكر سنده قال: "قوله (تنأنأت) يريد: ضعفت واسترخيت. قال الأموي عبد الله بن سعيد: يقال: نأنأت الرجل إذا نهيته عما يريد وتعففه عنه، فكأنه يعني: أني حملته على أن ضعف عما أراد وتراخى. وقال غير هؤلاء من أهل العلم: إنما سمي أول الإسلام النأنأة، لأنه كان والناس ساكنون هادئون، لم تهج بينهم فتنة، ولم تشتت كلمتهم. وهذا قد يرجع إلى المعنى الأول، يقول: لم يقو التشتت والاختلاف والفتن فهو ضعيف لذاك" (١) .
ويمكن تلخيص كلام أبي عبيد بأن نقول: "أي في أول الإسلام قبل أن يقوى ويكثر أهله وناصره. وأصل النأنأة: الضعف. وقيل إنما سمي بذلك لأن