تعالى – على رأس المائة الأولى إنما المقصود به التدوين الرسمي، الذي أخذ صفة العموم؛ لجمع شتات الأحاديث وما تفرق منها في صحف الناس ومحفوظاتهم في كتب معتمدة تُجمع وتُرتب فيها الأحاديث، ويتداولها عامة الناس، وليس المقصود به أن الأحاديث لم تُدَوَّن من قبل، وبدعوته انتهى الخلاف الذي كان في الصدر الأول من الصحابة والتابعين في كتابة الحديث، واستقر الأمر على الإجماع على الجواز.
٥. أن أولى الأقوال في إزالة التعارض بين أحاديث النهي والإذن هو القول بالنسخ. يعني: أن أحاديث النهي منسوخةٌ بأحاديث الإذن الثابتة الكثيرة، ومما يدل على ذلك تأخر أحاديث الإذن ووقوع بعضها في أواخر حياته صلى الله عليه وسلم، وهذا هو قول جمهور أهل العلم.
٦. أن مما يقوي القول بنسخ النهي عن كتابة الحديث استقرار الأمر بين الأمة على الإجماع على جواز كتابة الحديث، بل وعلى استحبابه، بل إنه كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(١) : إنه لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.