يعرف حقها من باطلها، وصحيحها من فاسدها، مع أن القرآن كفى عنها، وصار مهيمناً عليها، ونهى عن كتْب العلم في صدر الإسلام وَجِدَّتِهِ؛ لقلة الفقهاء في ذلك الوقت، والمميزين بين الوحي وغيره؛ لأن أكثر الأعراب لم يكونوا فقهوا في الدين، ولا جالسوا العارفين، فلم يؤمن أن يلحقوا ما يجدون من الصحف بالقرآن، ويعتقدوا أن ما اشتملت عليه كلام الرحمن" (١) .
الأمر الثاني: الذي نتعرض له حتى يسلم لنا أن السنة ابتدئ في كتابتها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بعده هو أن المكتوبات من السنة في هذا العهد وكذلك عهد الصحابة رضوان الله عليهم لم ينص على أنها مكتوبة عند رواية أحاديثها.
ولنأخذ مثالين على ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيفة عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وصحيفة همام بن منبه في عهد الصحابة رضوان الله عليهم.
أما صحيفة عبد الله بن عمرو فتروى أحاديثها منها دون إشارة إلى أنها كانت مكتوبة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولولا أنه قد أثيرت قضية أن أحاديثها: هل هي متصلة أو منقطعة نقلت من كتاب لم نعرف أن شعيباً حفيد عبد الله بن عمرو أخذها كتابة من صحيفة جده.