للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمحاها عبد الله؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمحو ما كتب عنه غير القرآن، فلما لم يمحها وأثبتها دلَّ على أنَّ الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها. وهذا واضح والحمد لله" (١) .

ومهما يكن من أمر فقد ثبتت كتابة أحاديث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومما يثبت أن النهي لم يكن قائماً - كما قررت في دراسة سابقة - أن بعضاً من الصحابة كرهوا كتابة الحديث، لكن أغلبهم لم يعلل هذه الكراهة بكون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الكتابة، وإنما كانوا يعللون بعلل أخرى. ومن يتأمل تقييد العلم للخطيب البغدادي يتأكد من ذلك (٢) .

وقد بيَّن الخطيب البغدادي في "تقييد العلم" الأسباب التي كره من أجلها بعض السلف الكتابة، فلم يذكر منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم إلا ما كان في أول الإسلام؛ لقلة الفقهاء والمميزين بين الوحي وغيره.

يقول الخطيب: "فقد ثبت أن كراهة مَنْ كره الكتاب من الصدر الأول إنما هي لئلا يُضاهى بكتاب الله تعالى غيره، أو يشتغل عن القرآن بسواه، ونهى عن الكتب القديمة أن تتخذ (التوراة والانجيل) لأنه لا


(١) تهذيب مختصر سنن أبي داود، مع المختصر. (٥/٢٤٥) .
هذا ومع وضوح أن الإذن كان متأخرًا وكون بعض ما هو مكتوب كان في قائم سيف - رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يكتب لهم كتابًا مع وضوح كل ذلك يرى رشيد رضا أن النهي هو المتأخر، ويكون بالتالي ناسخًا للإذن! (مجلة المنار ١٠/٧٦٧) .
وتلقف ذلك محمود أبو رية في كتابه أضواء على السنة المحمدية، ص (٤٨) .
(٢) تقييد العلم: (ص ٣٦ – ٦٠) وانظر مزيدًا في هذا الباب في توثيق السنة في القرن الثاني الهجري (ص:٤٣ – ٥٦) .

<<  <   >  >>