للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ النِّسَاءِ} ١ الآية. ومنه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} ٢ الآية، لما أخبر سبحانه بإلحاق الذرية - ولا عمل لهم - بآبائهم في الدرجة، فربما توهم متوهم أنه يحط الآباء إلى درجة الذرية، فرفع هذا التوهم بقوله: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} ٣ أي ما نقصنا الآباء من أجور أعمالهم، بل رفعنا ذريتهم إلى درجتهم، ولم نحطهم من درجتهم، ولما كان الوهم قد يذهب إلى أنه يفعل ذلك بأهل النار، قطع هذا تبارك وتعالى بقوله: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} ٤.

ومن هذا قوله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} ٥ فلما كان ذكر ربوبيته البلد الحرام قد يوهم الاختصاص، عقبه بقوله: {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} ٦ ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} ٧ فلما ذكر كفايته للمتوكل عليه، فربما أوهم ذلك تعجل الكفاية وقت التوكل، فعقبه بقوله: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} ٨ أي وقتا لا يتعداه، أي فهو يسوقه إلى وقته الذي قدره له، فلا يستعجل المتوكل فيقول: قد توكلت ودعوت فلم أر شيئا. فالله بالغ أمره في وقته الذي قدره، وهذا كثير جدا في القرآن والسنة، وهو باب لطيف من أبواب فهم النصوص.


١ سورة الأحزاب آية: ٣٢.
٢ سورة الطور آية: ٢١.
٣ سورة الطور آية: ٢١.
٤ سورة الطور آية: ٢١.
٥ سورة النمل آية: ٩١.
٦ سورة النمل آية: ٩١.
٧ سورة الطلاق آية: ٣.
٨ سورة الطلاق آية: ٣.

<<  <   >  >>