العمل مع رواياته التي انفرد بها والتي لا تخالف قول أهل العلم، إن الذهبي وابن حجر أوضحا غزارة معلومات سيف التاريخية، وقد يكون تفرده بأخبار التميميين يرجع إلى عنايته الخاصة برجال قبيلته واهتمامه بحصر أخبارهم، فاعتمد المؤرخون فيما يتعلق بهم على سيف بن عمر وفق قاعدتهم في التساهل في رواية الأخبار والتشدد في رواية الحديث، ومن ثم فإنهم لا يرون سيف بن عمر كذاباً وضاعاً كما يصوره المؤلف، ولكنه ليس بحجة إذا خالف أهل العلم. والواقع أننا لو عاملنا الروايات التاريخية بهذه الشدة فإن معظم المادة التاريخية تسقط وتقع فراغات واسعة في تاريخنا، لأن معظم الأخباريين الذين نقلوا إلينا المادة التاريخية لا يرقون إلى مستوى الثقات عند المحدثين، ولكن هذا لا يمنع من بيان فضل المؤلف في إيضاح ما أشار إليه المحدثون من تفرد سيف بمعظم مروياته.
لقد نبه المستشرقون على مبالغات سيف بن عمر في دور تميم، وجاءت دراسة المؤلف تدل على ذلك بنماذج واسعة، وأما اتهام سيف بالزندقة فلا دليل عليه سوى قول ابن حبان الذي وصفه ابن حجر بالفحش، لكن أبرز قضية اهتم بها المؤلف هي دور ابن سبأ في الفتنة، حيث يرى أن سيف بن عمر مختلق لهذه الشخصية، وقد بحث المسألة بإيجاز في هذا الكتاب لأنه أفرد لابن سبأ دراسة مستقلة تعتمد المنهج نفسه. وصحيح أن أوسع المعلومات عن ابن سبأ جاءت من طريق سيف، لكن المصادر أشارت إلى طرق أخرى تثبت وجود شخصية ابن سبأ تاريخياً، وفي هذا المجال أشير إلى الكشي فقد ذكر بأسانيده إلى الأئمة علي بن زين العابدين بن الحسين بن علي (ت٩٤هـ) ومحمد بن علي الباقر (ت١١٤هـ) وجعفر بن محمد الصادق (ت١٤٨هـ) –وكلهم متقدم على سيف بن عمر – روايات تثبت وجود شخصية عبد الله