ابن سبأ تاريخياً وتبين غلوه وادعاءه النبوة ونسبته الألوهية للإمام علي رضي الله عنه وكذبه عليه (١) . لذلك لا يمكن عدّ شخصية ابن سبأ أسطورية، لكن هذا لا يمنع من وجود مبالغة في دوره، وشتان بين الأمرين.
وختاماً أقول أن معاملة الروايات التاريخية كالأحاديث النبوية، واشتراط المستوى نفسه من الصحة وعدالة الرواة وضبطهم يولد فجوات واسعة في تاريخنا إن لم يؤد بنا إلى الضياع، وليست تواريخ الأمم الأخرى مروية بالأسانيد ومعرفة الرواة ومع ذلك فهي تعتمد عليها في الدراسة التاريخية، وتلجأ إلى السبر والمقارنة بين متون الروايات فقط، وبوسعنا أن نقارب بين روايات الأخباريين جميعاً للوصول إلى ما هو أقرب إلى الواقع التاريخي بدل رفض المرويات جميعاً.
إن الصورة التي يعرضها سيف بن عمر عن الأحداث مغايرة تماماً للصورة التي تعكسها روايات أبي مخنف مثلاً ... فإذا رفضنا مرويات سيف لأنه ضعيف في الحديث ولوجود المبالغة في رواياته ولتعصبه لتميم، ورفضنا مرويات أبي مخنف لتعاطفه مع العلويين ومرويات أبي معشر السندي لتضعيفه من قبل المحدثين فماذا يبقى من التاريخ؟ إن منهج السلف في التعامل المرن مع الروايات التاريخية هو الأجدى.