للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهدي في قلائده١ قد أكل أوتاره٢ من طول الحبس عن محله، فقالوا: اجلس إنما أنت أعرابي لا علم لك ... "٣.

ووردت قصته أيضاً في مرسل عروة بن الزبير من طريق الزهري: فبعد أن ذكر قصة عروة بن مسعود قال: "ودعوا رجلاً من بني الحارث بن عبد مناة٤ يقال له: الحليس فقالوا: انطلق فانظر ما قبل هذا الرجل وما يلقاك به؟ فخرج الحليس وهو من قوم يعظمون الهدي، فبعثوا الهدي في وجهه.

قال ابن شهاب: "فاختلف الحديث في الحليس: فمنهم من يقول: جاء فقال له مثل ما قال لبديل وعروة ومنهم من قال: لما رأى الهدي رجع إلى قريش فقال: لقد رأيت أمر لئن صددتموه إني لخائف عليكم أن يصيبكم عنت٥ فابصروا بصركم، فقالوا: اجلس"٦.

وجاء في حديث عروة أيضاَ من طريق ابن هشام ما نصه: بعد أن ذكر نزول الرسول صلى الله عليه وسلم الحديبية قال: "فلما سمعت به قريش أرسلوا إليه أخا بني حليس وهو من قوم يعظمون الهدي فقال: ابعثوا الهدي فلم يكلمهم كلمة، وانصرف من مكانه إلى قريش فقال: يا قوم القلائد والهدي والبدن فحذرهم وعظم عليهم فسبوه وتجهموه٧، وقالوا: إنما أنت أعرابي جلف٨، لا نعجب منك، ولكن نعجب من أنفسنا إذ أرسلناك"٩.

وقد روى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر أن الحليس قد غضب من فعل قريش وهددهم:


١ القلائج: جمع قلادة، وهي ما وضع في العنق، ترتيب القاموس ٣/٦٧٤.
٢ أوتاره: جمع وتر - محركة - وهو: شرعة القوس ومعلقها. ترتيب القاموس ٤/٥٧٠.
٣ مسند أحمد ٤/٣٢٤، وتقدم طرف من أوله برقم (٣٦) وهناك تخريجه والكلام عليه.
٤ الحارث بن عبد مناة هو: ابن كنانة، انظر جمهرة أنساب العرب: ١٨٨، وإذن فلا تنافي بين هذه الرواية والتي قبلها.
٥ عنت: أي مشقة وهلاك. النهاية ٣/٣٠٦.
٦ تقدم سنده برقم (٣٣) .
٧ تجهموه: استقبلوه بوجوه كريهة. ترتيب القاموس ١/٥٤٩.
٨ الجلف بالكسر، الرجل الجافي. ترتيب القاموس ١/٥١٧.
٩ انظر سنده برقم (١١) ص:

<<  <   >  >>