للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري، قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى، فأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قال: قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به، قال: فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر: أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس يعصي ربه، وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنه لعلى الحق. قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال فإنك آتيه ومطوف به، قال الزهري١: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً ... ".

وفي حديث المسور ومروان أيضاً من طريق ابن إسحاق: "فأتاه سهيل بن عمرو فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلما وأطالا الكلام وتراجعا، حتى جرى بينهما الصلح فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب، وثب عمر ابن الخطاب فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر أوليس برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو لسنا بالمسلمين؟ أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الذلة في ديننا؟ فقال أبو بكر: يا عمر إلزم غرزه حيث كان، فإني أشهد أنه رسول الله، قال عمر: وأنا أشهد، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أولسنا بالمسلمين؟ أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الذلة في ديننا؟ فقال: أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولم يضيعني، ثم قال عمر: ما زلت أصوم وأعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ، حتى رجوت أن يكون خيراً ... "٢.

وفي موضع آخر٣ في رواية ابن إسحاق أيضاً: "وقد كان المسلمون خرجوا وهم لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوا ما رأوا من الصلح وما تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه دخل الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا أن يهلكوا، فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه ثم قال: يا محمد قد لجّت٤ القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال: صدقت فقام إليه فأخذ بتلبيبه٥ قال: وصرخ أبو جندل بأعلى صوته يا معاشر المسلمين أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني، قال: فزاد الناس شراً إلى ما بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا جندل اصبر واحتسب


١ قال ابن حجر: هو موصول إلى الزهري بالسند المذكور وهو منقطع بين الزهري وعمر، فتح الباري ٥/٣٤٦.
٢ مسند أحمد ٤/٣٢٥، وتقدم سنده مع طرف من أوله برقم (٣٦) .
٣ مسند أحمد ٤/٣٢٥، وتقدم سنده مع طرف من أوله برقم (٣٦) .
٤ لجت: أي وجبت، قال ابن الأثير: هكذا جاءت مشروحاً ولا أعرف أصله. النهاية ٤/٢٣٣.
٥ أخذ بتلبيبه: أي أخذ بمجمع ثوبه الذي هو لابسه وقبض عليه يجره. النهاية ٤/٢٢٣.

<<  <   >  >>