قلت: يظهر من كلام ابن القيم رحمه الله ترجيح أن الذين أخذوا عير أبي العاص هم أبو بصير وأصحابه لكن جاء في حديث عائشة رضي الله عنها عند الحاكم أن الذي أخذ عير أبي العاص هو زيد بن حارثة وأصحابه. قال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "لما بعث أهل مكة في فداء أساراهم ... " وذكرت فداء زينب رضي الله عنها لأبي العاص، ثم قالت: "ولم يزل أبو العاص مقيماً على شركه حتى إذا كان قبيل فتح مكة، خرج بتجارة إلى الشام بأموال من أموال قريش أبضعوها معه، فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلاً لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الذي وجه السرية للعير التي فيها أبو العاص، قافلة من الشام، وكانوا سبعين ومائة راكب، أميرهم زيد بن حارثة، وذلك في جمادى الأول سنة ست من الهجرة، فأخذوا ما في تلك العير من الأثقال وأسروا أناساً من العير، فأعجزهم أبو العاص هرباً ... " المستدرك ٣/٢٣٦. وهذا الإسناد حسن قد صرح ابن إسحاق فيه بالسماع، وقال الألباني عن هذا الحديث: وإسناده جيد، فقه السيرة للغزالي ٣٦٦ حاشية. فالتحقيق أن الذي أخذ عير أبي العاص هو زيد بن حارثة ومن معه لهذا الحديث، أما ما ذكره موسى بن عقبة فهو من مراسيل الزهري، ومراسيل الزهري كان يحيى بن سعيد لا يراها شيئاً، ويقول: هي بمنزلة الريح. تهذيب التهذيب ٩/٤٥١. ٢ هذا الفعل لم يثبت عن أبي جندل، لأن هذا الحديث من مرسلات الزهري، وهي ضعيفة، وعلى فرض ثبوته فهو محمول على عدم بلوغ النهي عن ذلك لأبي جندل، لأن قدومه للمدينة كان بعد هذه الحادثة، كما صرح بذلك هذا الحديث، وإنما شرعت الأحكام بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.