للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت لجابر: "كم كنتم يومئذ؟ " قال: "ألف١ وأربعمائة" تابعه عمرو بن دينار عن جابر"٢.

وأخرجه أحمد عن طريق عمرو بن مرة وحصين بن عبد الرحمن، كلاهما عن سالم عن جابر قال: "أصابنا عطش بالحديبية، فجهشنا٣ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يديه تور٤ فيه ماء فقال بأصابعه هكذا فيها وقال: "خذوا بسم الله، قال: فجعل الماء يتخلل من بين أصابعه كأنها عيون، فوسعنا وكفانا"، وقال حصين في حديثه: "فشربنا وتوضأنا".

وهذه القصة مغايرة للقصة الأولى كما ذكر ذلك ابن القيم٥ وابن حجر٦ ووجه مغايرتها ظاهر: فالمعجزة في هذه وقعت في ماء كان في إناء، وسببها أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده في الإناء بينما المعجزة في تلك وقعت في البئر عندما وضع فيها سهم النبي صلى الله عليه وسلم وصب فيه الماء الذي مج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد جمع بينهما ابن حجر فقال: "وكأنّ ذلك (أي ما في حديث جابر) كان قبل قصة البئر"٧ اهـ.

والذي يظهر لي: أن هذه القصة وقعت بعد قصة البئر أثناء رجوع المسلمين للمدينة لما يلي:

ورد في حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم أن قصة تكثير الماء الذي في الإناء وقعت عقب معجزة النبي صلى الله عليه وسلم في تكثير الطعام:

(١٥٩) قال حدثني أحمد بن يوسف الأزدي، حدثنا النضر (يعني ابن محمد اليمامي) حدثنا عكرمة (هو ابن عمار) حدثنا إياس بن سلمة عن أبيه قال: خرجنا


١ قال ابن حجر: "كذا لسهم بالرفع، والتقدير نحن يومئذ ألف وأربعمائة، ويجوز النصب على خبر كان". فتح الباري ١٠/١٠٢.
٢ صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الأشربة: ٥٦٣٩.
٣ الجهش: أن يفزع الإنسان إلى الإنسان، ويلجأ إليه، وهو مع ذلك يريد البكاء، كأن يفزع الصبي إلى أمه. يقال: جهشت وأجهشت. النهاية ١/٣٢٢.
٤ تور: إناء من صفر أو حجارة كالإجانة وقد يتوضأ منه. النهاية ١/١٩٩.
٥ زاد المعاد ٣/٢٩٨.
٦ فتح الباري ٥/٣٣٧.
٧ فتح الباري ٥/٣٣٧.

<<  <   >  >>