للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غزواً أنا ورجل من قومي ولم نسلم فقلنا: إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهداً لا نشهده معهم، قال: أو أسلمتا؟ قلنا: لا، قال: "فلا نستعين بالمشركين على المشركين"، فأسلمنا وشهدنا معه ... " الحديث١.

وسند هذا الحديث حسن.

وقد ذهب إلى جواز الاستعانة بالمشركين جماعة من العلماء، وهو مروي عن أبي حنفية والشافعي وأحمد٢؛ للأحاديث السابقة في جواز الاستعانة بهم٣.

وقد استدلوا أيضاً بقصة شهود صفوان بن أمية لغزوة حنين، وهو مشرك، وبشهود قزمان غزوة أحد وهو مشرك، وبشهود ابن أُبَيْ لبعض الغزوات٤.

وقد اشترطوا لجواز ذلك شروطاً هي:

١ - أن يكون في المسلمين قلة وتدعوا الحاجة إلى ذلك.

٢ - أن يكونوا ممن يوثق بهم فلا تخشى ثائرتهم٥.

٣ - أن يكون مع الإمام جماعة يستقل بهم في إمضاء الأحكام٦.

وذهب جماعة إلى عدم جواز الاستعانة بالمشركين، وممن قال بذلك ابن المنذر، والجوزجاني، وهو مروي عن الشافعي٧.

واستدل أصحاب هذا القول: بحديث عائشة رضي الله عنها وحديث أبي حميد الساعدي وحديث خبيب بن عبد الرحمن السابقة.

وقالوا: إن الأحاديث الدالة على الجواز كلها ضعيفة، لا تقوى على المعارضة.

وقد رجح الشوكاني هذا القول حيث قال: "والحاصل أن الظاهر من الأدلة عدم جواز الاستعانة بمن كان مشركاً مطلقاً لما في قوله صلى الله عليه وسلم: "إنا لا نستعين بالمشركين"


١ مسند أحمد ٣/٤٥٤.
٢ انظر المغني لابن قدامة ٨/٤١٤، ونيل الأوطار ٧/٢٣٧.
٣ السنن الكبرى ٩/٣٧، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ: ٣٩٧.
٤ نيل الأوطار ٧/٢٣٧.
٥ انظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ: ٣٩٦، والمغني لابن قدامة ٨/٤١٤.
٦ نيل الأوطار ٧/٢٣٧، وسبل السلام ٤/٥٠.
٧ المغني لابن قدامة ٨/٤١٤، ونيل الأوطار ٧/٢٣٧.

<<  <   >  >>