للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه علماء الأندلس في زمانه، ورموه بالزندقة، وأن الذي قاله يخالف القرآن حتى قال قائلهم:

برئت ممن شرى دنيا بآخرة ... وقال: إن رسول الله قد كتبا١

بل حكى القاضي عياض: "أن الفقيه أبا بكر الصائغ قد كفره بإجازة الكتب على رسول الله صلى الله عليه وسلم "النبي الأمي" وأنه تكذيب بالقرآن٢.

وقد بلغ خبر أبي الوليد إلى أمير وطنه، وجرت بحضرته مناظرة بين أبي الوليد وبعض العلماء الذين أنكروا عليه قوله، فذكر ابن حجر: أن الباجي تغلب عليهم بما لديه من المعرفة حيث ادعى أن كتابة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت لا تنافي القرآن بل تؤخذ من مفهومه لأنه قيد النفي بما قبل ورود القرآن فقال: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ... } وبعد أن تحققت أميته وتقررت معجزته وأمن من الارتياب في ذلك، فلا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك من غير تعليم فتكون معجزة أخرى٣ ا. هـ

وقد كتب الأمير في المسألة إلى أفريقية وصقلية برغبة الباجي في ذلك، فجاءته الأجوبة من هناك، كان في بعضها تصويب لرأيه، وفي بعضها رد عليه.

وممن صوب رأيه: ابن الخزاز.

وكان ممن رد عليه الزاهد أبو محمد بن مفوز ألف في ذلك جزءاً٤.

وقد وافق الباجي في قوله جماعة منهم: أبو ذر أحمد بن عبد الله الهروي، والسمناني، وأبو الفتح النيسابوري٥.

وقد استدل هؤلاء لما ذهبوا إليه بما يلي:

١ - ما أخرجه ابن أبي شيبة وعمر بن شبة من طريق مجاهد عن عون بن عبد الله قال: "ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ".


١ فتح الباري ٧/٥٠٣، وانظر نفح الطيب ٢/٦٨.
٢ ترتيب المدارك ٤/٨٠٥.
٣ فتح الباري ٧/٥٠٣.
٤ ترتيب المدارك ٤/٨٠٥-٨٠٦، تاريخ قضاة قرطبة: ٢٠٢.
٥ تفسير القرطبي ١٣/٣٥٢، فتح الباري ٧/٥٠٣، والخصائص الكبرى ٣/٢٧٢.

<<  <   >  >>