عن الصديق قال: ماله هجيري سواك، إن عبر فباسمك يستقل، وإن تنفس فبذكرك يقطع، وإذا أوى إلى ندوة الحي فبلسانك ينش وجودك يذكر، لا يمر بمعهد لك إلا حياه، ولا بمكان حله معك إلا تبواه، فقلت له: كف قليلاً فقد أججت في صدري ناراً كانت طافئة، وأبديت صبابة كانت خافية، وما أراني منتفعاً بالعيش دون أن أشخص إليه غير مبال بهذه الميرة والغيرة التي خرجت من جراهما.
قال أبو حامد: فضرب والله كبد راحلته إلى حيه، وترك ما كان فيه مستعراً مستقتراً. قلت لأبي حامد: ما أفصح هذا اللفظ، وما أرق هذا الحديث، لكني أنكرت قوله: جواد راكض، قال: أراد ذو ركض، ومثل هذا يندر في كلامهم.
شاعر:
طوى الكشح عمرو للصديق على حقد ... وغنى له من شدة الكرب والوجد
ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد ... لقد زادني مسراك وجداً على وجد
أما في صروف الدهر أن ترجع النوى ... بلى وبذاك القرب يوماً من البعد