البصرة، وما أفضى إليه إصعادي عنها على الوجه المشهور عند الصديق الجافي على العدو، فسبح ظني في واد من الظنة إن كان الله قد برأك منها فقد ابتلاني بها، وإن كنت غنياً عنها فأنا فقير إليها، وقد جد بي الفكر في تعرف ذلك منك، فلسانك أنطق بالصدق من لسان العابد الزاهد، وعقلك أعلى وأشرف من أن تتخذني غير شاكر ولا حامد، وبالله الذي لا إله إلا هو، ما يقوم لي شعث ما بيني وبينك في المنام بحيازتي جميع الأماني في اليقظة، فإن رأيت أن تجعل لي إلى لقائك طريقاً، إما بالزيارة المشرفة، وإما بالاستزارة المستشرفة فعلت إن شاء الله.
فأجابه أبو محمد:
[بسم الله الرحمن الرحيم]
أما بعد: فإن الحال التي أشرت إليها ببيانك الناصع، من أدبك البارع، فهي والله محوطة بالنفس والروح، مذبوب عنها بالخاطر، عند اللمحة والسنوح، وتالله أعوذ كما عدت من ريب تتوجه نحوها، أو شوب يدب إليها، وكيف ذاك والشفقة عليها مرفرفة، والرأفة بها موكلة، ويد الثقة بعينها وشهادتها حاضنة، والنفس إلى كل ما يرد منها أو يصدر إليها ساكنة، فهذا باب ينبو عن الكلام فيه لمغالطة مخوفة تجري عليه، فأما الحديث الذي نمى إليك نبيذ منه مما دار بيني وبين