الفرصة على الأقل لوجود مرحلة في علاقة الإسلام بالمسيحية. هي مرحلة كف المستشرقين من المسيحيين عن توجيه الهجوم والنقد غير العلمي ضد الإسلام، وضد مبادئه، وضد رسوله - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -، إعلانًا عن النية الطيبة في صداقة المسيحيين المسلمين.
ولكن بالرغم من مرور فترة غير قصيرة على وجود «جمعية الصداقة الإسلامية المسيحية» فإن الهجوم على الإسلام من قبل المستشرقين لم ينقطع، وإن أسلوب النقد في مجافاته للذوق وللواقع ضد مبادئه لم يتوقف. مما يدل على أن الترابط بين علماء المسلمين وآباء الكنيسة من المسيحيين في هذه الجمعية كان لاستغلال الجانب الإسلامي في مواجهة الشيوعية الدولية، إذ الإعلان: أن مئات الملايين من المسلمين في العالم - عن طريق هذه المشاركة المصطنعة - تقف ضد النفوذ السوفييتي له أثره السلبي على السوفييت، وأثره الإيجابي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، في الحرب الباردة بين القوتين العظميين. والإسلام حينئذٍ سبيل للمحافظة على المصالح الأمريكية، أكثر منه طريقًا عقيديًا، لاستنكار الإلحاد، ودعوة لإشاعة القيم الإنسانية العليا في علاقات الناس بعضهم ببعض.
هل «سياسة الوفاق» بين هاتين القوتين قد اهتزت، بعد تغلغل السوفييت في أفريقيا، ومشاركته في السيادة في المحيط الهندي عند مدخل الخليج، وفي البحر الأحمر في جنوب شبه الجزيرة العربية وفي القرن الأفريقي في الحبشة؟. وهي كلها كانت تعتبر مناطق موالية للغرب، ولأمريكا بعد الإنجليز؟ ..