فأنت ترى أن شهرة المازري العلمية طبقت الآفاق، واخترقت تخوم إفريقية والمغرب، واجتازت إلى الأندلس من ناحية الشمال، إلى أقصى البلاد العربية من ناحية المشرق، فلا غرو حينئذٍ أن يشتهر عَلاَّمَتُنَا الفَذُّ بلقب «الإِمَامِ» حتى يصير ذلك لقبًا لا يفارق اسمه ولا يعرف إلا به.
على أن هناك رواية نقلها أصحاب التراجم في سبب هذه التسمية؛ قال ابن فرحون المدني (١): «وَيُحْكَى عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى فِي ذَلِكَ رُؤْيَا: رَأَى رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ:" يَا رَسُولَ اللهِ أَحَقٌّ مَا يَدْعُونَنِي بِرَأْيِهِمْ، يَدْعُونَنِي بِالإِمَامِ؟ " فَقَالَ: " أَوْسَعَ اللهُ صَدْرَكَ لِلْفُتْيَا "». على أن هذه الرواية تثبت ما كان اشتهر به بين معاصريه من العلم الواسع ورسوخ القدم في الفتيا.
ثَنَاءُ العُلَمَاءِ عَلَيْهِ:
اتفقت كلمة المؤرخين ورواة الأخبار على أن الإمام
(١) " الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب "، لابن فرحون، طبعة مصر سنة ١٣٢٩ هـ، ص ٢٧٩ وما بعدها.