ولا نسلم كلية باستخدام اصطلاح الفكر الاقتصادي الحديث أو ربط المشكلة الاقتصادية في الإسلام بهدف "الرخاء المادي" أو "الرفاهية الاقتصادية"، وإنما نفضل الإبقاء على الاصطلاح الدقيق الذي أخذ به الفقهاء القدامى وهو اصطلاح "حد الكفاية". وليس ذلك تعصبا منا أو انحيازا مطلقا لاصطلاحات الاقتصاد الإسلامي أو لمجرد الرغبة في التميز أو التمسك بالقديم، وإنما لأن الأمر في نظرنا أكبر وأعمق من ذلك إذ يتعلق بالأساس والجوهر لا الشكل والاصطلاح، وهو ما نرده إلى سببين رئيسيين:
أولهما: أن المال في الإسلام ليس غاية وإنما هو وسيلة لراحة الإنسان وسعادته ليكون بحق خليفة الله في أرضه.
وقد رأينا كيف أنه في المجتمعات الوضعية الحديثة حين جعلت "الرخاء المادي" هدفها الأساسي، إن لم يكن مطلبها الوحيد، قد انزلقت إلى عبادة المادة أو على الأقل طغت عليها الماديات، وما استتبع ذلك من نشوء علاقات سياسية وأخلاقية مادية أشقت الإنسان وأصبحت تهدد