وذلك لأنها لا تستهدف رقي الإنسان ماديا فحسب وإنما روحيا بصفة أساسية، والروحانية في الإسلام، ليست كما يتصور البعض مسألة ميتافيزيقية أو غيبية، وإنما هي العمل الصالح إيمانا بالله واعتبارا أو مراعاة له تعالى سواء كان ذلك الإيمان أو تلك المراعاة والاعتبارات المتأصلة في العقل والنفس والمتمثلة في النشاط والسلوك مردها خشيته تعالى والخوف من عقابه، أو كان مردها ابتغاء مرضاته والفوز بجنته.
فالإسلام كما سبق أن وضحنا بكتابنا "ذاتية السياسة الاقتصادية الإسلامية"، لا يعرف الفصل بين ما هو مادي وما هو روحي، ولا يفرق بين ما هو دنيوي وما هو أخروي. فكل نشاط مادي أو دنيوي يباشره الإنسان، هو في نظر الإسلام عمل روحي أو أخروي، طالما كان مشروعًا وكان يتجه به إلى الله تعالى١. فالله تعالى ما خلق
١ انظر كتابنا "ذاتية السياسة الاقتصادية الإسلامية وأهمية الاقتصاد الإسلامي"، مرجع سابق، ص٥٤ وما بعدها.