للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فعل لمحظور١.

مناقشة هذا الرأي:

ويمكن أن يناقش هذا الرأي فيقال: ليس من المعقول والمقبول أن يجمع "عثمان" -رضي الله عنه- الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة التي أنزلها الله تعالى لحكم وأسرار كثيرة، منها: التخفيف على الأمة في تلاوة كتاب ربها، ففي ذلك مخالفة صريحة للأحاديث الصحيحة التي تدل على نزول القرآن على سبعة أحرف.

ومن الثابت -أيضا- أن المصاحف التي نسخها "عثمان" كانت موافقة للصحف التي نسخها الخليفة الأول "أبو بكر" -رضي الله عنه-، ومعلوم أنها لم تكن على حرف واحد، وإنما كانت مشتملة على ما كتب بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم تنسخ تلاوته، وثبت في العرضة الأخيرة.

قال القاضي أبو بكر: "لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسم وإلغاء ما ليس كذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير، ولا تأويل أثبت مع تنزيل، ومنسوخ تلاوته كتب مع مثبت رسمه، ومفروض قراءته وحفظه، خشية دخول الفساد والشبهة على من يأتي بعد"٢.

فحاشا عثمان أن يمنع الناس من قراءة ما علمت قرآنيته، ونقل تواترا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحاشا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يوافقوه على ذلك، وهم لا يخافون في الله لومة لائم٣.

يضاف إلى ذلك: أن هذا الرأي يخالف الواقع الذي عليه المسلمون اليوم، من قراءة القرآن بالقراءات التي وصلت إلينا بالطرق الصحيحة، والأسانيد


١ النشر في القراءات العشر "١/ ٣١-٣٢".
٢ انظر: البرهان في علوم القرآن "١/ ٢٣٥-٢٣٦".
٣ الكلمات الحسان في الحروف السبعة وجمع القرآن للشيخ محمد بخيت المطيعي ص١٢٢.

<<  <   >  >>