أولا: أن الله تعالى قد أحاط كتابه "القرآن اكريم" بالعناية والرعاية والحفظ وهيأ الأمة كلها لأن تتحمل مسئولية الحفاظ على هذا الكتاب العزيز باعتباره منهاج حياتها -بالإضافة إلى السنة النبوية- حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ثانيا: أن الرسم العثماني للمصحف الشريف والذي جمعه -أولا- الخليفة الأول: أبو بكر رضي الله عنه، هو نفسه الذي كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق كُتَّاب الوحي، وقرئ عليه -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مرة، وتناقتله الأمة إلى يومنا هذا، دون زيادة أو نقصان، وبذلك يكون هذا الرسم بظواهره المختلفة توقيفي وأجمعت عليه الأمة منذ عصر الصحابة -رضي الله عنهم- ولا يجوز تغييره بحال من الأحوال، كما لا تجوز كتابته بالطرق الإملائية الحديثة، ولا بغير اللغة العربية.
ثالثا: أن المصاحف العثمانية التي أرسلها عثمان -رضي الله عنه- إلى الأمصار الإسلامية كانت مشتملة على ما تواتر نقله عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووافق اللغة العربية واستقر في العرضة الأخيرة التي عارضه بها جبريل عليه السلام، وهو يمثل ما بقي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم، ونسخ بعضها في العرضة الأخيرة.
رابعا: أن الظواهر التي في المصاحف، مما يخالف قواعد الإملاء المعروفة، إنما كانت لحكم وأسرار كثيرة، كالدلالة على أصل الحرف، أو الإشارة إلى بعض القراءات التي لا يمكن أن يقرأ بها إذا كتب بطريقة أخرى، أو غير ذلك من الأسرار التي أشرنا إليها في داخل البحث، وإذا كانت هناك ظواهر لم تظهر لنا الحكمة منها حتى الآن، فعلينا أن نلتزم بها ونكل أمر تفسيرها إلى الله تعالى، وأن نتبع ولا نبتدع، وأن نتهم أنفسنا بالعجز عن إدراك أسرارها.
خامسا: ظهر من خلال هذا البحث: خطأ الفريق الذي اتهم الصحابة -رضي الله عنهم- بالجهل بقواعد الكتابة، وثبت -بما لا يدع مجالا للشك -أنهم -رضي الله عنهم- كانوا على علم تام، وعلى بصيرة ونور، ولذلك فرقوا بين الكلمات المتشابهة بزيادة بعض الحروف، أو كتابة الكلمة بطريقة معينة، مما يدل