رحمهم الله هل الحكم خاص في محله وهو السن أو عام في جميع العظام لعموم علته على قولين:
أحدهما: أنه خاص في محله وهو السن، وأما ما عداه من العظام فتحل الذكاة به، وهو مذهب أبي حنيفة والمشهور من مذهب أحمد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو أراد العموم لقال غير العظم والظفر لكونه أخصر وأبين، والنبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم ومفاتيح البيان، ولأننا لا نعلم وجه الحكمة في تأثير العظم فكيف نعدي الحكم مع الجهل.
الثاني: أن الحكم عام في جميع العظام، لعموم العلة، وهو قول الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد؛ لأن النص على العلة يدل على أنها مناط الحكم، متى وجدت وجد الحكم، وتخصيص السن بالذكر قد يكون من أجل أنه عادة يرتكبها بعض الناس بالتذكية به، ثم أشار إلى عموم الحكم بذكر العلة، أو يقال: إن تعليله بكونه عظما يدل على أنه كان من المتقرر عندهم أن العظام لا يذكى بها، وهذا القول أحوط.
وأما كوننا لا نعلم وجه الحكمة في تأثير العظم، فهذا لا يمنع من تعدية الحكم إلى ما ينطبق عليه اسم العظم؛ لأنه معلوم على أنه يمكن أن يقال: وجه الحكمة: أنه إن كان العظم طاهرا فهو طعام إخواننا من الجن، ففي الذبح به تلويث له بالنجاسة، وإن كان العظم نجسا فليس من الحكمة أن يكون وسيلة للذكاة التي بها تطهير الحيوان وطيبه للتضاد، والله أعلم.
وأما الظفر: فعلله النبي صلى الله عليه وسلم بمدى الحبشة، وظاهر التعليل مشكل إن قلنا: أن الحكم عام بعموم علته؛ لأنه يقتضي منع الذكاة بما يختص به الحبشة من المدى ولو كان حديدا أو خشبا أو نحوهما مما تجوز الذكاة به.
والأقرب عندي: أن الأصل في ذلك أن الحبشة كانوا يذبحون بأظافرهم، فنهى الشارع عن ذلك؛ لأنه يقتضي مخالفة الفطرة من وجهين:
أحدهما: أنه يستلزم توفير الأظافر ليذبح بها، وهذا مخالف للفطرة التي هي تقليم الأظافر.