للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أن في القتل بالظفر مشابهة لسباع البهائم والطيور التي فضلنا عليها ونهينا عن التشبه به، ولذلك تجد الإنسان لا يشبه البهائم إلا في مقام الذم.

الشرط الثامن: إنهار الدم، أي إجراؤه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل)) (١) وله حالان:

الحال الأولى: أن يكون المذكي غير مقدور عليه، مثل أن يهرب أو يسقط في بئر أو في مكان سحيق لا يمكن الوصول إليه، أو يدخل مقدمه في غار بحيث لا يمكن الوصول إلى رقبته أو نحو ذلك فيكفي في هذه الحال إنهار الدم في أي موضع كان من بدنه حتى يموت، والأولى أن يتحرى أسرع شيء في موته، وفي ((الصحيحين)) من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فأصابوا إبلاً وغنماً فند منها بعير فرماه رجل فحبسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن لهذه الإبل أوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا)) (٢) . وفي لفظ لمسلم: فند علينا بعير منها فرميناه بالنبل حتى وهصناه. وهصناه (٣) : رميناه رميا شديدا حتى سقط على الأرض، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما أعجزك من البهائم مما في يديك فهو كالصيد، وفي بعير تردى في بئر من حيث قدرت عليه فذكه. رواه البخاري تعليقا. قال: ورأى ذلك علي وابن عمر وعائشة (٤) .

الحال الثانية: أن يكون مقدوراً عليه بحيث يكون حاضرا أو يمكن إحضاره بين يدي المذكي، فيشترط أن يكون الإنهار في موضع معين وهو الرقبة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: الذكاة في الحلق واللبة. وقال عطاء: لا ذبح ولا نحر إلا في المذبح والمنحر، ذكره البخاري عنهما تعليقا.

وتمام ذلك بقطع أربعة أشياء وهي:

١ـ الحلقوم، وهو مجرى النفس، وفي قطعه حبس النفس الذي لا بقاء للحيوان مع انحباسه.


(١) سبق تخريجه
(٢) سبق تخريجه
(٣) رواه مسلم، كتاب الأضاحي، باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا ... رقم (١٩٦٨)
(٤) صحيح البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش.

<<  <   >  >>