للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ} ١ إلى آخر السورة. ثم ذكر حديثي أبي موسى وابن عمر، فدل الكتاب والسنة على أن الله يؤتي أتباع الرسول من فضله ما لم يؤته لأهل الكتابين، فكيف بغيرهم؟ والمقصود ذكر الطريقة العلمية والعملية، فمتى كان غير الرسول قادرا على علم ذلك أو بيانه أو محبة نفاذه فهو أعلم بذلك، وأحرص على الهدى، وأقدر منه على بيانه.

(١٣٣) اعلم أن الله سبحانه علم آدم الأسماء كلها،

وميز كل مسمى باسم يدل على ما يفصله من الاسم المشترك، وما يخصه دون ما سواه، ويبين به ما يرتسم معناه في النفس. ومعرفة حدود الأسماء واجبة، لأن بها قيام مصلحة الآدميين في المنطق الذي جعله الله رحمة لهم، لا سيما حدود ما أنزل الله من الأسماء كالخمر والربا، فهذه الحدود هي المميزة بين ما يدخل في المسمى وما يدل عليه من الصفات، وبين ما ليس كذلك. ولهذا ذم الله من سمى الأشياء بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، كآلهة الأوثان. فالأسماء المنطقية سمعية، أما نفس تصور معانيها في الباطن ففطري، يُعرف بالحس الباطن والظاهر، وبإدراك الحس وشهوده يبصر الإنسان الأشياء بباطنه وظاهره، وبسمعه يعلم أسماءها، وبفؤاده يعقل الصفات المشتركة والمختصة. والله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا، وجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة، فأما الحدود المتكلفة فليس فيها فائدة لا في العقل، ولا في الحس، ولا في السمع، إلا ما هو كالأسماء مع التطويل أو ما هو كالتمييز بسائر الصفات. والله سبحانه علم الإنسان البيان كما قال تعالى:


١ سورة الحديد آية: ٢٨.

<<  <   >  >>