للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

{الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْأِنْسَان َعَلَّمَهُ الْبَيَانَ} ١، وقال: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ٢، وقال: {عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ٣. والبيان بيان القلب واللسان، كما أن العمى والبكم يكون بالقلب واللسان، كما قال تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} ، وقال صلى الله عليه وسلم: "فإنما شفاء العي السؤال " ٤. وفي الأثر: "العي عن القلب لا عن اللسان" وقال: "شر العمى عمى القلب".

وكان ابن مسعود يقول: "إنكم في زمان كثير فقهاؤه قليل خطباؤه، وسيأتي عليكم زمان قليل فقهاؤه كثير خطباؤه". وأما بيان اللسان وخطابه فيحمد منه البلاغ ويذم منه (التشدق والتفيهق) ٥ وتبين الأشياء بالقلب ضد اشتباهها عليه، كقوله: "الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات"، وقرئ {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} ٦ بالرفع والنصب أي: تستبين أنت سبيلهم، فالأشياء لتستبين الأشياء، وهم يقولون بيّن الشيء، وبينته وتبين وتبينته، واستبان، واستبنته، كل هذا يستعمل لازما ومتعديا، فقوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} ٧ هنا متعد، وقوله: {فَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} فهنا لازم، فالبيان بمعنى تبيين الشيء، وبمعنى بينت الشيء، أي: أوضحته، وهذا هو الغالب، كقوله: "إن من البيان لسحرا" ٨


١ سورة الرحمن آية: ١-٢-٣-٤.
٢ سورة البقرة آية: ٣١.
٣ سورة العلق آية: ٥.
٤ أبو داود: الطهارة (٣٣٦) .
٥ قال في الحاشية: في الأصل بياض لعله "التشدق والتفيهق".
٦ سورة الأنعام آية: ٥٥.
٧ سورة الحجرات آية: ٦.
٨ البخاري: النكاح (٥١٤٦) , والترمذي: البر والصلة (٢٠٢٨) , وأبو داود: الأدب (٥٠٠٧) , وأحمد (٢/١٦ ,٢/٥٩ ,٢/٦٢ ,٢/٩٤) , ومالك: الجامع (١٨٥٠) .

<<  <   >  >>