للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الآخر خمرا، ولو قال: "كل مسكر خمر" لتأوله بعضهم على أنه يشبه الخمر في التحريم فلما قال: "وكل خمر حرام" علم أنه أراد به دخوله في اسم الخمر التي حرمها الله.

(١٣٤) وقال في كلامه على علم المنطق وعلم الكلام لما ذكر أن في كلامهم شيئا من الحق:

وكذلك أعمالهم مع أن ما يأمرون به من العلوم والأعمال والأخلاق لا تكفي في النجاة من عذاب الله، فضلا عن أن تكون محصلة لنعيم الآخرة. ثم ذكر الآيات منها قوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} ١ الآيات، وكذلك قوله: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} ٢ إلى آخر السورة، فأخبر هنا بمثل ما في الأعراف؛ فإن هؤلاء المعرضين عما جاءت به الرسل، لما رأوا بأس الله وحده تركوا الشرك. وكذلك أخبر عن فرعون وهو كافر بالتوحيد والرسالة، وقال: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} ٣ الآيات، وهذا في القرآن في مواضع يبين أن الرسل أمروا بالتوحيد بعبادته وحده لا شريك له، ونهوا عن عبادة شيء سواه أو اتخاذه إلها، ويخبر أن أهل السعادة أهل التوحيد، وأن المشركين أهل الشقاء، وبين أن الذين لم يؤمنوا بالرسالة مشركون؛ فعلم أن التوحيد والإيمان بالرسالة متلازمان، وكذلك الإيمان باليوم الآخر، فالثلاثة متلازمة، ولهذا يجمع بينهم في مثل قوله: {وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ


١ سورة الأعراف آية: ٣٧.
٢ سورة غافر آية: ٨٣.
٣ سورة الأعراف آية: ١٧٢.

<<  <   >  >>