للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ففي كتاب الله وتدبره، كما قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ} الآيتين، وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا} ١ الآية، وأما النظر في مسألة معينة لطلب حكمها، والعبد لا يعرف ما يدله عليه، فهذا النظر لا يفيد، بل قد يقع له تصديقات يحسبها حقا، وهي من إلقاء الشيطان، وقد يقع له تصديقات من إلقاء الملك. وكذلك إذا كان النظر في دليل هادٍ وهو القرآن، فقد يفهم مقصود الدليل فيهتدي، وقد لا يفهمه أو يحرفه عن مواضعه فيضل به، ويكون ذلك من إلقاء الشيطان، كما قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً} ٢، وقال {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً} ، وقال: {فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ} ، وقال: {وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً} ٣. فالناظر في الدليل كالمترائي للهلال، قد يراه، وقد لا يراه لعشى في بصره، وكذلك عمى القلب، فأمر الله بما ينزل على قلبه الأسباب الهادية، ويصرف عنه الأسباب المعوقة وهو ذكر الله، وذكر الله يعطي الإيمان، وهو أصل الإيمان، والله سبحانه رب كل شيء ومليكه، وهو معلم كل علم وواهبه. فكما أن نفسه أصل لكل موجود فذكره والعلم به


١ سورة الشورى آية: ٥٢.
٢ سورة الإسراء آية: ٨٢.
٣ سورة فصلت آية: ٤٤.

<<  <   >  >>