والطرق حديث العارف والمجرّب، وهو ما انتبه إليه أبو الفداء وأشار له أكثر من مرة.
وتتصف معلومات المهلّبي بدقتها بالنسبة للمسافات بين المدن والأقاليم، وجدّتها حيث يبدو مصدرا وحيدا لبعض المواضع، وسعتها حيث يذكر مصادر المياه وعادات الناس وأحوالهم وزروعهم ومحاصيلهم.
وأكثر ما يثير الاهتمام تلك الأرقام التي يسوقها عند حديثه عن نفقات طرسوس على تأمين حمايتها قبيل سقوطها بيد البيزنطيين بقيادة نقفور فوكاس عام ٣٥٤ هجرية [٩٦٥ ميلادية] .
ومن خلال وصف المهلّبي، نستطيع أن نكوّن فكرة شبه كاملة عن التاريخ الاجتماعي، والتركيبة السكانية للثغور الإسلامية الشمالية قبيل سقوطها، وربما، العوامل التي أدت إلى هذا السقوط.
كما أن الكتاب يحفل بمعلومات جديدة حول دمشق وبيت المقدس وحلب وأنطاكية وغيرها من المدن التي وصلتنا مقاطع مسهبة عنها، ما يؤشر إلى غنى وسعة معلومات، لم يغيبا عن ابن العديم، الذي نوّه إلى أن في «العزيزي» ما لا يوجد في غيره.
ونستطيع أن نجزم بأنه زار البلاد التي تحدّث عنها في كتابه ولم يعتمد على النقل من غيره، وذلك من خلال إشارات عابرة وردت في متن ما وصلنا من كتابه، منها أنه أقام في مدينة نخشب