ثم لما تملّك عبد الملك أراد أن يفعل ذلك، وبذل فيه مالا كثيرا فمنعه النصارى منه.
فلما تملّك الوليد بن عبد الملك جمعهم وأرغبهم، وبذل لهم مالا عظيما فأبوا عليه. فقال لهم إنكم إن أجبتموني إلى ما أريده وإلّا خربت الكنيسة. فقال له بعضهم: إن من خرب كنيسة جن.
فأحفظه ذلك. فنهض في ثوب خز أصفر فوضع المعول بيده فيها فنقضها وزادها في أرض المسجد. وبناه بنية ليس على وجه الأرض مثلها، أسرف فيها.
وطول مسجد دمشق مئة وست وخمسون ذراعا بالسوداء، من حائطه الشمالي إلى قبلته. وعرضه أكثر من طوله وهو مئة وسبعون ذراعا، والرواق منه مقدار نصف ذرع الطول. وفي رواقه اثنان وأربعون عمودا، عليها ثلاثة صفوف من الحنايا. والعمد كلها رخام مجزّع، والحنايا وحيطان المسجد كلها إلى حد سقفه منقوشة أبدع نقش بالفسيفساء الملون المدهون والمذهب، يخطف الطرف.
وفي وسطه قبّة ارتفاعها خمسين ذراعا، منقوشة مذهبة الباطن، مقرمدة من خارجها بالقراميد الرصاص، وكذلك جميع سطوح الجامع. وأرض صحنه كلها مفروشة بالمرمر الأبيض.
وكذلك حيطانه كلها في صحنه وسائر أروقته منقوشة مذهبة بالفسيفساء.