للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذه القاعدة ذات أثر كبير في حماية المجتمع من الغلو في المتبوعين، ورفعهم فوق منزلتهم التي جعلهم الله عليها، فإن العصمة ليست لأحد من البشر إلا لأنبياء الله ورسله، وبعضهم قد يجعل لمتبوعه قداسة من حيث لا يشعر، فيذعن لقوله، ويسلم لأمره، حتى وإن تبين له أنه على خلاف الحق، وبهذا تظهر الآراء الشاذة والأفكار المنحرفة التي قد تجر ويلات على الأمة الإسلامية برمتها، وما ذاك إلا بسبب التقليد الأعمى، والغلو المذموم في القادة والمتبوعين، وشأن المسلم أن يدور مع الحق حيث دار، وأن يتحرى وجه الصواب في كل مسألة يقدم عليها، ولا سيما في المسائل التي تعم فيها البلوى، وتأخذ طابعًا عموميًا للأمة المسلمة، فينبغي أن يكون صدور الفتوى فيها من هيئات شرعية تأخذ بالاجتهاد الجماعي، كالمجامع الفقهية ولجان الفتوى التي يكون على رأسها علماء ثقات، لأن الرأي الجماعي أحرى بإصابة الحق بإذن الله من الرأي الفردي.

ولهذا كان علماء الأمة يحذرون من زلة العالم، فإن العالِم إذا زل، زل بزلته عالَم، وفي حديث ثوبان رضي الله عنه مرفوعًا: «وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين» . (١)


(١) رواه أحمد من حديث ثوبان رضي الله عنه.

<<  <   >  >>