للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولهذا فإنه من غير المستساغ لمسلمٍ أن يحتج على عمله بكثرة الفاعلين له، فانتشار التطرف والإرهاب المذموم، واستخدام العنف من قبل الطوائف المختلفة لنشر مذاهبها وآرائها، كل ذلك ليس دليلًا على مشروعيتها، لأن العبرة بموافقة الدليل لا بالكثرة، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسلك في دعوته سبيل الحكمة والبصيرة، وهما بمعنى موافقة الحق، وألا يهتم بتجميع سواد الناس إذا كان في ذلك مجانبة الحق، ولننظر إلى ذلك التوجيه الرباني لمحمد صلى الله عليه وسلم، ففي آخر سورة يوسف بين الله له أنه ليس مكلفًا بأن يدخل الناس كلهم في دين الله فقال سبحانه: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} الآية (١٠٣) ثم بعدها ببضع آيات يبين الله له ما هو مكلف به وهو أن يسلك مسلك البصيرة، فقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (الآية: ١٠٨) ، وفي سورة النحل يقول سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (الآية ١٢٥) ، فالمؤمن ليس مأمورًا بأن يُدخل الناس في دين الله بالقوة، وأجره عند

<<  <   >  >>