والمتأمل في هذا الحديث يلحظ الفارق بين فقه الصحابة وفقه من بعدهم، فالصحابة رضوان الله عليهم كانت عنايتهم بمعرفة الفرقة الناجية وصفاتها للتشبه بها، ولهذا سألوا النبي عن صفة تلك الفرقة، وكان السائل عمر بن الخطاب كما جاء مصرحًا به في رواية جابر، أما من بعدهم فقد شغلوا بالفرق الهالكة، والعلم بالفرق المنحرفة أمر مطلوب شرعًا، ولذلك كان حذيفة - رضي الله عنه - يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه.
ويقول الشاعر:
عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه ... ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه.
إلا أن الواجب على المسلم أن يعرف من طرق أهل الضلال الأصول التي ينطلقون منها والمناهج التي يسلكونها ومعرفة أسباب زيغها وانحرافها والرد عليها وبيان فسادها أما التعمق في أقاويلها وتفصيلاتها والفروق الدقيقة بينها فلم يُكلفنا الله به.
وهنا نأتي إلى مسألة هامة تتعلق بهذا الحديث، قد اتخذها بعض الضالين متكئًا للتكفير، وإخراج جميع المخالفين عن الملة، وهي: