للموصوف بها ووجه آخر وهو أحسن منها وهو أن الواو تقتضي تحقيق الوصف المتقدم وتقريره يكون في الكلام متضمنا لنوع مع التأكيد من مزيد التقرير وبيان ذلك بمثال نذكره مرقاة إلى فهم ما نحن فيه إذا كان لرجل مثلا أربع صفات هي عالم وجواد وشجاع وغني وكان المخاطب لا يعلم ذلك أو لا يقر به ويعجب من اجتماع هذه الصفات في رجل فإذا قلت: زيد عالم وكان ذهنه استبعد ذلك فتقول وجواد أي وهو مع ذلك جواد فإذا قدرت استبعاده لذلك قلت وشجاع أي وهو مع ذلك شجاع وغني فيكون في العطف مزيد تقرير وتوكيد لا يحصل بدونه تدرأ به توهم الإنكار وإذا عرفت هذا فالوهم قد يعتريه إنكار لاجتماع هذه المقابلات في موصوف واحد فإذا قيل: هو الأول ربما سرى الوهم إلى أن كونه أولا يقتضي أن يكون الآخر غيره لأن الأولية والآخرية من المتضايفات وكذلك الظاهر والباطن إذا قيل هو ظاهر ربما سرى الوهم إلى أن الباطن مقابله فقطع هذا الوهم بحرف العطف الدال على أن الموصوف بالأولية هو الموصوف بالآخرية فكأنه قيل: هو الأول وهو الآخر وهو الظاهر وهو الباطن لا سواه فتأمل ذلك فإنه من لطيف العربية ودقيقها والذي يوضح لك ذلك أنه إذا كان للبلد مثلا قاض وخطيب وأمير فاجتمعت في رجل حسن أن تقول زيد هو الخطيب والقاضي والأمير وكان للعطف هنا مزية ليست للنعت المجرد فعطف الصفات هاهنا أحسن قطعا لوهم متوهم أن الخطيب غيره وأن الأمير غيره وأما قوله تعالى: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ} فعطف في الاسمين الأولين دون الآخرين فقال السهيلي: إنما حسن العطف بين الاسمين الأولين لكونهما من صفات الأفعال" وفعله سبحانه في غيره لا في نفسه فدخل حرف العطف للمغايرة الصحيحة بين المعنيين ولتنزلهما منزلة الجملتين لأنه يريد تنبيه العباد على أنه يفعل هذا ويفعل هذا ليرجوه ويؤملوه" ثم قال: {شَدِيدُ الْعِقَابِ} بغير واو لأن الشدة راجعة إلى معنى القوة والقدرة وهو معنى خارج عن صفات