الأفعال فصار بمنزلة قوله:{الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} وكذلك قوله: {ذِي الطَّوْلِ} لأن لفظ ذي عبارة عن ذاته هذا جوابه وهو كما ترى غير شاف ولا كاف فإن شدة عقابه من صفات الأفعال وطوله من صفات الأفعال ولفظة ذي فيه لا تخرجه عن كونه صفة فعل كقوله: {عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} بل لفظ الوصف بغافر وقابل أدل على الذات من الوصف ب ذي لأنها بمعنى صاحب كذا فالوصف المشتق أدل على الذات من الوصف بها فلم يشف جوابه بل زاد السؤال سؤالا فاعلم أن هذه الجملة مشتملة على ستة أسماء كل اثنين منها قسم فابتدأها بالعزيز العليم وهما اسمان مطلقان وصفتان من صفات ذاته وهما مجردان عن العطف ثم ذكر بعدهما اسمين من صفات أفعاله فأدخل بينهما العاطف ثم ذكر اسمين آخرين بعدهما وجردهما من العاطف فأما الأولان فتجردهما من العاطف لكونهما مفردين صفتين جاريتين على اسم الله وهما متلازمان فتجريدهما عن العطف هو الأصل وهو موافق لبيان ما في الكتاب العزيز من ذلك كالعزيز العليم والسميع البصير والغفور الرحيم وأما: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} فدخل العاطف بينهما لأنهما في معنى الجملتين وإن كانا مفردين لفظا فهما يعطيان معنى يغفر الذنب ويقبل التوب أي هذا شأنه ووصفه في كل وقت فأتى بالاسم الدال على أن هذا وصفه ونعته المتضمن لمعنى الفعل الدال على أنه لا يزال يفعل ذلك فعطف أحدهما على الآخر على نحو عطف الجمل بعضها على بعض ولا كذلك الاسمان الأولان ولما لم يكن الفعل ملحوظا في قوله: {شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} إذ لا يحسن وقوع الفعل فيهما وليس في لفظ {ذِي} ما يصاغ منه فعل جرى مجرى المفردين من كل وجه ولم يعطف أحدهما على الآخر كما لم يعطف في العزيز العليم فتأمله فإنه واضح وأما العطف في قوله: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} فلما كان المقصود الثناء عليه بهذه الأفعال وهي جملة دخلت الواو عاطفة جملة على جملة وإن كانت الجملة مع الموصول في تقدير المفرد فالفعل مراد مقصود والعطف يصير كلا منها جملة مستقلة مقصودة بالذكر بخلاف ما لو أتى بها