التحية فيكون المراد بالسلام المعنى المدلول وباسمه لفظه الدال عليه والمعنى ثم اسم هذا المسمى عليكما فيراد بالأول اللفظ وبالثاني المعنى كما تقول: زيد بطة ونحوه مما يراد بأحدهما اللفظ وبالآخر المدلول فيه وفيه نكتة حسنة كأنه أراد ثم هذا اللفظ باق عليكما جار لا ينقطع مني بل أنا مراعيه دائما وقد أجاب السهيلي عن البيت بجواب آخر وهذا حكاية لفظه فقال لبيد: لم يرد إيقاع التسليم عليهم لحينه وإنما أراد بعد الحول ولو قال: السلام عليكما كان مسلما لوقته الذي نطق فيه بالبيت فكذلك ذكر الاسم الذي هو عبارة عن اللفظ أي إنما اللفظ بالتسليم بعد الحول وذلك أن السلام دعاء فلا يتقيد بالزمان المستقبل وإنما هو لحينه ألا ترى أنه لا يقال بعد الجمعة اللهم ارحم زيدا ولا بعد الموت اللهم اغفر لي إنما يقال اللهم اغفر لي بعد الموت فيكون بعد ظرفا للمغفرة والدعاء واقع لحينه فإن أردت أن تجعل الوقت ظرفا للدعاء صرحت بلفظ الفعل فقلت بعد الجمعة أدعو بكذا أو أسلم أو ألفظ بكذا لأن الظروف إنما يريد بها الأحداث الواقعة فيها خبرا أو أمرا أو نهيا وأما غيرها من المعاني كالطلاق واليمين والدعاء والتمني والإستفهام وغيرها من المعاني فإنما هي واقعة لحين النطق بها وكذلك يقع الطلاق ممن قال بعد يوم الجمعة أنت طالق وهو مطلق لحينه ولو قال: بعد الحول والله لأخرجن انعقدت اليمين في الحال ولا ينفعه أن يقول أردت أن لا أوقع اليمين إلا بعد الحول فإنه لو أراد ذلك لقال بعد الحول أحلف أو بعد الجمعة أطلقك فأما الأمر والنهي والخبر فإنما تقيدت بالظروف لأن الظروف في الحقيقة إنما يقع فيها الفعل المأمور به والمخبر به دون الأمر والخبر فإنهما واقعان لحين النطق بهما فإذا قلت اضرب زيدا يوم الجمعة فالضرب هو المقيد بيوم الجمعة وأما الأمر فأنت في الحال آمر به وكذلك إذا قلت سافر زيد يوم الجمعة فالمتقيد باليوم المخبر به لا الخبر كما أن في قوله: اضربه يوم الجمعة المقيد بالظرف المأمور به لا أمرك أنت فلا تعلق للظرف إلا بالأحداث فقد رجع الباب كله بابا واحدا فلو أن لبيدا قال إلى الحول ثم السلام عليكما لكان مسلما لحينه