للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنه أراد أن لا يوقع اللفظ بالتسليم والوداع إلا بعد الحول وكذلك ذكر الاسم الذي هو بمعنى اللفظ بالتسليم ليكون ما بعد الحول ظرفا له وهذا الجواب من أحد أعاجيبه وبدائعه رحمه الله وأما قوله: باسم الماء والماء المعروف هنا هو الحقيقة المشروبة ولهذا عرفه تعريف الحقيقة الذهنية والبيت لذي الرمة وصدره:

لا ينعش الطرف إلا ما تحونه

ثم قال: داع يناديه باسم الماء فظن الغالط أنه أراد حكاية صوت الظبية وأنها دعت ولدها بهذا الصوت وهو ماما وليس هذا مراده وإنما الشاعر ألغز لما وقع الإشتراك بين لفظ الماء المشروب وصوتها به فصار صوتها كأنه هو اللفظ المعبر عن الماء المشروب فكأنها تصوت باسم هذا الماء المشروب وهذا لأن صوتها ماما وهذا في غاية الوضوح.

فائدة: اسم الله والاشتقاق

زعم أبو القاسم السهيلي وشيخه ابن العربي: أن اسم الله غير مشتق لأن الاشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه تعالى قديم والقديم لا مادة له فيستحيل الإشتقاق ولا ريب أنه إن أريد بالاشتقاق هذا المعنى وأنه مستمد من أصل آخر فهو باطل ولكن الذين قالوا بالاشتقاق لم يريدوا هذا المعنى ولا ألم بقلوبهم وإنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى وهي الإلهية كسائر أسمائه الحسنى كالعليم والقدير والغفور والرحيم والسميع والبصير فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب وهي قديمة والقديم لا مادة له فما كان جوابكم عن هذه الأسماء فهو جواب القائلين باشتقاق اسم الله ثم الجواب عن الجميع أننا لا نعني بالإشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله وتسمية النحاة للمصدر والمشتق منه أصلا وفرعا ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر وإنما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>