خارجا عن إخباره وكذلك لو قيل لم تجد ما تحملهم عليه لم يؤد هذا المعنى فتأمله فإنه بديع فإن قيل فبأي شيء يرتبط قوله تولوا وأعينهم تفيض وهذا عطف على ما قبله فإنه ليس بمستأنف فالجواب أن ترك العطف هنا من بديع الكلام لشدة ارتباطه بما قبله ووقوعه منه موقع التفسير حتى كأنه هو وتأمل مثل هذا في قوله تعالى:{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} كيف لم يعطف فعل القول بأداة عطف لأنه كالتفسير لتعجبهم والبدل من قوله تعالى: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً} فجرى مجرى قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} فلما كان مضاعفة العذاب بدلا وتفسيرا ل أثاما لم يحسن عطفه عليه وزعم بعض الناس أن من هذا الباب قول عمر رضي الله عنه في الحديث الصحيح لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لها فقال: المعنى أعجبها حسنها وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس الأمر كذلك ولكن قوله حب رسول الله صلى الله عليه وسلم بدل من قوله هذه وهو من بدل الاشتمال والمعنى لا يغرنك حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه التي قد أعجبها حسنها ولا عطف هناك ولا حذف وهذا واضح بحمد الله.
فائدة بديعة:
"كل" لفظ دال على الإحاطة بالشيء وكأنه من لفظ الإكليل والكلالة والكلة مما هو في معنى الإحاطة بالشيء وهو اسم واحد في لفظه جمع في معناه ولو لم يكن معناه معنى الجمع لما جاز أن يؤكد به الجمع لأن التوكيد تكرار للمؤكد فلا يكون إلا مثله إن كان جمعا فجمع وإن كان واحدا فواحد وحقه أن يكون مضافا