للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى اسم منكر شائع في الجنس من حيث اقتضى الإحاطة فإن أضفته إلى معرفة كقولك كل إخوتك ذاهب قبح إلا في الابتداء لأنه إذا كان مبتدأ في هذا الموطن كان خبره بلفظ الإفراد تنبيها على أن أصله أن يضاف إلى نكرة لأن النكرة شائعة في الجنس وهو أيضا يطلب جنسا يحيط به فإما أن تقول كل واحد من إخوتك ذاهب فيدل إفراد الخبر على المعنى الذي هو الأصل وهو إضافته إلى اسم مفرد نكرة فإن لم تجعله مبتدأ وأضفته إلى جملة معرفة كقولك رأيت كل إخوتك وضربت كل القوم لم يكن في الحسن بمنزلة ما قبله لأنك لم تضفه إلى جنس ولا معك في الكلام خبر مفرد يدل على معنى إضافته إلى جنس كما كان في قولهم كلهم ذاهب وكل القوم عاقل فإن أضفته إلى جنس معرف باللام نحو قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} حسن ذلك لأن اللام للجنس لا للعهد ولو كانت للعهد لقبح كما إذا قلت خذ من كل الثمرات التي عندك لأنها إذا كانت جملة معرفة معهودة وأردت معنى الإحاطة فيها فالأحسن أن تأتي بالكلام على أصله فتؤكد المعرفة ب كل فتقول خذ من الثمرات التي عندك كلها لأنك لم تضطر عن إخراجها عن التوكيد كما اضطررت في النكرة حين قلت لقيت كل رجل لأن النكرة لا تؤكد وهي أيضا شائعة في الجنس كما تقدم فإن قيل: فإذا استوى الأمران كقولك كل من كل الثمرات وكل من الثمرات كلها فلم اختص أحد النظمين بالقرآن في موضع دون موضع قيل: هذا لا يلزم لأن كل واحد منه فصيح ولكن لا بد من فائدة في الاختصاص أما قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} فمن هاهنا لبيان الجنس لا للتبعيض والمجرور في موضع المفعول لا في موضع الظرف وإنما تريد الثمرات نفسها إلا أنه أخرج منها شيئا وأدخل من لبيان الجنس كله ولو قال أخرجنا به من الثمرات كلها لذهب الوهم إلى أن المجرور في موضع ظرف وأن مفعول أخرجنا فيما بعد ولم يتوهم ذلك مع تقديم كل لعلم المخاطبين أن كلا إذا تقدمت تقتضي الإحاطة بالجنس وإذا تأخرت وكانت توكيدا اقتضت

<<  <  ج: ص:  >  >>