للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل:

وأما مسألة كل ذلك لم يكن ولم يكن كل ذلك ولم أصنع كله وكله لم أصنعه فقد أطالوا فيها القول وفرقوا بين دلالتي الجملة الفعلية والاسمية وقالوا إذا قلت: كل ذلك لم يكن وكله لم أصنعه فهو نفي للكل بنفي كل فرد من أفراده فيناقض الإيجاب الجزئي وإذا قلت لم أصنع الكل ولم يكن كل ذلك فهو نفي للكلية دون التعرض لنفي الأفراد فلا يناقضه الإيجاب الجزئي ولا بد من تقرير مقدمة تبنى عليها هذه المسألة وأمثالها وهي أن الخبر لا يجوز أن يكون أخص من المبتدأ بل يجوز أن يكون أعم منه أو مساويا له إذ لو كان أخص منه لكان ثابتا لبعض أفراده ولم يكن خبرا عن جملته فإن الأخص إنما يثبت لبعض أفراد الأعم وأما إذا كان أعم منه فإنه لا يمتنع لأنه يكون ثابتا لجملة أفراد المبتدأ وغيرها وهذا غير ممتنع فإذا عرف ذلك فإذا كان المبتدأ لفظة كل الدال على الإحاطة والشمول وجب أن يكون الخبر المثبت حاصلا لكل فرد من أفراد كل والخبر المنفي مثبتا لكل فرد من أفراده سواء أضفت كلا أو قطعتها عن الإضافة فإن الإضافة فيها منوية معنى وإن سقطت لفظا فإذا قلت كلهم ذهب وكلكم سيروي أو كل ذهب وكل سيروى عم الحكم أفراد المبتدأ فإذا كان الحكم سلبا نحو كلهم لم يأت وكل لم يقم فكذلك ولهذا يصح مقابلته بالإيجاب الجزئي نحو قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل: " أقصرت الصلاة أم نسيت فقال: كل ذلك لم يكن فقال: ذو اليدين بلى قد كان بعض ذلك" رواه مسلم ومن هذا ما أنشده سيبويه رحمه الله تعالى:

قد أصبحت أم الخيار تدعي ... علي ذنبا كله لم أصنع

أنشده برفع كل واستقبحه لحذف الضمير العائد من الخبر وغير سيبويه

<<  <  ج: ص:  >  >>