كاقتضاء الفعل الذي هو حدث له فصح نصبه له كما كان واقعا لأجله وهذا بحمد الله واضح.
فصل:
قال: إذا كانت الحال صفة لازمة للاسم كان حملها عليه على جهة النعت أولى بها وإذا كانت مساوية للفعل غير لازمة للاسم إلا في وقت الإخبار عنه بالفعل مع أن تكون حالا لأنها مشتقة من التحول فلا تكون إلا صفة يتحول عنها ولذلك لا تكون إلا مشتقة من فعل لأن الفعل حركة غير ثابتة وقد تجيء غير مشتقة لكن في معنى المشتق كقوله: "وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا" رواه مسلم أي يتحول عن حاله ويعود متصورا في صورة الرجل فقوله: رجلا في قوة متصورا بهذه الصورة وأما قولهم: جاءني زيد رجلا صالحا فالصفة وطأت الاسم للحال ولولا صالحا ما كان رجلا حالا وكذلك قوله تعالى: {لِسَاناً عَرَبِيّاً} قلت: وعلى هذا فيكون أقسام الحال أربعة مقيدة ومقدرة ومؤكدة وموطئة فإن قيل: وما فائدة ذكر الاسم الجامد في الموطئة وهلا اكتفى بالمشتق فيها قيل في ذكر الاسم موصوفا بالصفة في هذا الموطن دليل على لزوم هذه الحال لصاحبها وأنها مستمرة له وليس كقولك جاءني زيد صالحا لأن صالحا ليس فيه غير لفظ الفعل والفعل غير دائم وفي قولك رجلا صالحا لفظ رجل وهو دائم فلذلك ذكر فإن قيل كيف يصح في لسانا عربيا أن يكون حالا وليست وصفا منتقلا ولهذا لو قلت: جاءني زيد قرشيا أو عربيا لم يجز قيل: قوله: {لِسَاناً عَرَبِيّاً} حال من الضمير في مصدق لا من كتاب لأنه نكره والعامل في الحال ما في مصدق من معنى الفعل فصار المعنى أنه مصدق لك في هذه الحال والاسم الذي هو صاحب الحال قديم وقد كان غير موصوف بهذه الصفة حين أنزل معناه لا لفظه على موسى وعيسى ومن خلا من الرسل وإنما كان عربيا حين أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم مصدقا لما بين يديه