على كل شيء ومقصود العبد من الحياة إنما يحصل بشيئين بسلامته من الشر وحصول الخير كله والسلامة من الشر مقدمة على حصول الخير وهي الأصل ولهذا إنما يهتم الإنسان بل كل حيوان بسلامته أولا ثم غنيمته ثانيا على أن السلامة المطلقة تتضمن حصول الخير فإنه لو فاته حصل له الهلاك والعطب أو النقص والضعف ففوات الخير يمنع حصول السلامة المطلقة فتضمنت السلامة نجاته من كل شر وفوزه بالخير فانتظمت الأصلين الذين لا تتم الحياة إلا بهما مع كونها مشتقة من اسمه السلام ومتضمنة له وحذفت التاء منها لما ذكرنا من إرادة الجنس لا السلامة الواحدة ولما كانت الجنة دار السلامة من كل عيب وشر وآفة بل قد سلمت من كل ما ينغص العيش والحياة كانت تحية أهلها فيها سلام والرب يحييهم فيها بالسلام {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} فهذا سر التحية بالسلام عند اللقاء وأما عند المكاتبة فلما كان المراسلان كل منهما غائب عن الآخر ورسوله إليه كتابه يقوم مقام خطابه له استعمل في مكاتبه له من السلام ما يستعمله معه لو خاطبه لقيام الكتاب مقام الخطاب.
فصل:
وأما السؤال الخامس: وهو تعدية هذا المعنى ب على فجوابه بذكر مقدمة وهي ما معنى قوله: سلمت فإذا عرف معناها عرف أن حرف على أليق به فاعلم أن لفظ سلمت عليه وصليت عليه ولعنت فلانا موضوعها ألفاظ هي جمل طلبية وليس موضوعها معاني مفردة فقولك سلمت موضوعه قلت السلام عليك وموضوع صليت عليه قلت اللهم صل عليه أو دعوت له وموضوع لعنته قلت: اللهم العنه ونظير هذا: سبحت الله قلت: سبحان الله ونظيره وإن كان مشتقا من لفظ الجملة هلل إذا قال لا إله إلا الله وحمدل إذا قال الحمد لله وحوقل إذا قال لا حول