دال على كمال بركته وعظمها وسعتها وهذا معنى قوله من قال من السلف:"تبارك تعاظم" وقال آخر" معناه أن تجيء البركات من قبله فالبركة كلها منه" وقال غيره: "كثر خيره وإحسانه إلى خلقه" وقيل: "اتسعت رأفته ورحمته بهم" وقيل: "تزايد عن كل شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله" ومن هنا قيل: "معناه تعالى وتعاظم" وقيل: "تبارك تقدس والقدس الطهارة" وقيل: "تبارك أي باسمه يبارك في كل شيء" وقيل: "تبارك ارتفع والمبارك المرتفع ذكره البغوي" وقيل: "تبارك أي البركة تكتسب وتنال بذكره" وقال ابن عباس: "جاء بكل بركة" وقيل: "معناه ثبت ودام بما لم يزل ولا يزال ذكره البغوي أيضا" وحقيقة اللفظة: أن البركة كثرة الخير ودوامه ولا أحد أحق بذلك وصفا وفعلا منه تبارك وتعالى وتفسير السلف يدور على هذين المعنيين وهما متلازمان لكن الأليق باللفظة معنى الوصف لا الفعل فإنه فعل لازم مثل تعالى وتقدس وتعاظم ومثل هذه الألفاظ ليس معناها أنه جعل غيره عاليا ولا قدوسا ولا عظيما هذا مما لا يحتمله اللفظ بوجه وإنما معناها في نفس من نسبت إليه فهو المتعالي المتقدس فكذلك تبارك لا يصح أن يكون معناها بارك في غيره وأين أحدهما من الآخر لفظا ومعنى هذا لازم وهذا متعد فعلمت أن من فسر تبارك بمعنى ألقى البركة وبارك في غيره لم يصب معناها وإن كان هذا من لوازم كونه متباركا فتبارك من باب مجد والمجد كثرة صفات الجلال والسعة والفضل وبارك من باب أعطى وأنعم ولما كان المتعدي في ذلك يستلزم اللازم من غير عكس فسر من فسر من السلف اللفظة بالمتعدي لينتظم المعنيين فقال: مجيء البركة كلها من عنده أو البركة كلها من قبله وهذا فرع على تبارك في نفسه وقد أشبعنا القول في هذا في كتاب الفتح المكي وبينا هناك أن البركة كلها له تعالى ومنه فهو المبارك ومن ألقى عليه بركته فهو المبارك ولهذا كان كتابه مباركا وبيته مباركا والأزمنة والأمكنة