للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى ونظيره الغسق والوقوب وأمثال ذلك فكذلك قوله في القمر هذا هو الغاسق إذا وقب لا ينفي أن يكون الليل غاسقا بل كلاهما غاسق فإن قيل: فما تقولون في القول الذي ذهب إليه بعضهم أن المراد به القمر إذا خسف واسود وقوله: وقب أي دخل في الخسوف أو غاب خاسفا قيل: هذا القول ضعيف ولا نعلم به سلفا والنبي صلى الله عليه وسلم لما أشار إلى القمر وقال: هذا الغاسق إذا وقب لم يكن خاسفا إذ ذاك وإنما كان وهو مستنير ولو كان خاسفا لذكرته عائشة وإنما قالت: نظر إلى القمر وقال: هذا هو الغاسق ولو كان خاسفا لم يصح أن يحذف ذلك الوصف منه فإن ما أطلق عليه اسم الغاسق باعتبار صفة لا يجوز أن يطلق عليه بدونها لما فيه من التلبيس وأيضا فإن اللغة لا تساعد على هذا فلا نعلم أحدا قال الغاسق القمر في حال خسوفه وأيضا فإن الوقوب لا يقول أحد من أهل اللغة أنه الخسوف وإنما هو الدخول من قولهم وقيت العين إذا غارت ومنه الوقب للثقب الذي يدخل فيه المحور وتقول العرب وقب يقب وقوبا إذا دخل فإن قيل: فما تقولون في القول الذي ذهب إليه بعضهم أن الغاسق هو الثريا إذا سقطت فإن الأسقام تكثر عند سقوطها وغروبها وترتفع عند طلوعها قيل إن أراد صاحب هذا القول اختصاص الغاسق بالنجم إذا غرب فباطل وإن أراد أن اسم الغاسق يتناول ذلك بوجه ما فهذا يحتمل أن يدل اللفظ عليه بفحواه ومقصوده وتنبيهه وأما أن يختص اللفظ به فباطل

فصل:

والسبب الذي لأجله أمر الله بالاستعاذة من شر الليل وشر القمر إذا وقب هو أن الليل إذا أقبل فهو محل سلطان الأرواح الشريرة الخبيثة وفيه تنتشر الشياطين وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشمس إذا غربت انتشرت الشياطين ولهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>