للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: " فاكتفوا صبيانكم واحبسوا مواشيكم حتى تذهب فحمة العشاء " رواه البخاري ومسلم وفي حديث آخر "فإن الله يبث من خلقه ما يشاء" والليل هو محل الظلام وفيه تتسلط شياطين الإنس والجن ما لا تتسلط بالنهار فإن النهار نور والشياطين إنما سلطانهم في الظلمات والمواضع المظلمة وعلى أهل الظلمة وروي أن سائلا سأل مسيلمة كيف يأتيك الذي يأتيك فقال في ظلماء حندس " وسأل النبي صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك فقال: "في مثل ضوء النهار " فاستدل بهذا على نبوته وإن الذي يأتيه ملك من عند الله وأن الذي يأتي مسيلمة شيطان ولهذا كان سلطان السحر وعظم تأثيره إنما هو بالليل دون النهار فالسحر الليلي عندهم هو السحر القوي التأثير ولهذا كانت القلوب المظلمة هي محال الشياطين وبيوتهم ومأواهم والشياطين تجول فيها وتتحكم كما يتحكم ساكن البيت فيه وكلما كان القلب أظلم كان للشيطان أطوع وهو فيه أثبت وأمكن.

فصل:

ومن هاهنا تعلم السر في الاستعاذة برب الفلق في هذا الموضع فإن الفلق الصبح الذي هو مبدأ ظهور النور وهو الذي يطرد جيش الظلام وعسكر المفسدين في الليل فيأوي كل خبيث وكل مفسد وكل لص وكل قاطع طريق إلى سرب أو كن أو غار وتأوي الهوام إلى أحجرتها والشياطين التي انتشرت بالليل إلى أمكنتها ومحالها فأمر الله تعالى عباده أن يستعيذوا برب النور الذي يقهر الظلمة ويزيلها ويقهر عسكرها وجيشها ولهذا ذكر سبحانه في كل كتاب أنه يخرج عباده من الظلمات إلى النور ويدع الكفار في ظلمات كفرهم قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} وقال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} وقال في أعمار الكفار: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>