واحد دون الجميع" فيقال لا فرق بين الطلاق والعتق في ذلك وقول الجمهور أصح وقولكم إن الطلاق تحريم ليس كذلك بل هو كاسمه إطلاق وإرسال للمرأة ويلزم منه التحريم كما أن العتق إرسال للأمة ويلزم منه التحريم فهما سواء ويدل عليه أنه إن قال:(إن كلمت زيدا فلله علي أن أطلق واحدة منكن أو إحداكن) لم يلزمه طلاق جميعهن عند من يعين عليه الوفاء عينا دون الكفارة ومعلوم قطعا أن القائل لنسائه (إحداكن طالق) غير مطلق لبقيتهن لا بلفظه ولا بقصده فكيف يطلقن جميعا فلو طلقن بغير مقتض لطلاقهن ويدل على أن الطلاق ليس بتحريم أن الله تعالى أباحه ولم يبح قط تحريم الحلال والتحريم ليس إلى العبد إنما إليه الأسباب والتحليل والتحريم يتبعها فهو كالعتق سواء وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ثم فرض تحلة اليمين في تحريم الحلال وقد طلق صلى الله عليه وسلم حفصة ولم يكن ذلك تحريما لها ولو كان الطلاق تحريما لشرعت فيه الكفارة كما شرعت في تحريم الحلال وكما شرعت في الظهار الذي هو تحريم، فإن قيل فما تقولون إذا قال لنسائه:(إحداكن عليّ حرام) فإن هذا تحريم للمشترك فينبغي أن يعم، قيل هذا السؤال غير مسموع منكم فإن التحريم عندكم طلاق فهو كقوله:(إحداكن طالق) وأما من يجعله تحريما تزيله الكفارة كالظهار كقول أحمد ومن وافقه فعندهم لا يعم لأنه مطلق في إثبات فهو كقوله: (حرمت واحدة منكن) بخلاف ما إذا أراد المطلق في نفي كقوله (والله لا قربت واحدة منكن) أو في نهي كقوله: (لا تقرب واحدة منهن) فإنه يعم.
فائدة:
ارتفاع الواقع شرعا محال أي ارتفاعه في الزمن الماضي وأما تقدير ارتفاعه