استشكل جمهور الفقهاء مذهب مالك فيمن قال لنسائه:"إحداكن طالق" فإن الجميع يحرمن عليه بالطلاق وقالوا هذا إلزام بالطلاق لمن لم يطلقها وهو باطل قالوا ويلزم من هذا خلاف الإجماع ولا بد لأن الله تعالى أوجب إحدى خصال الكفارة فأضافه الحكم لأحد الأمور إن اقتضى التعميم وجب أن يوجبوا جميع الخصال وهو خلاف الإجماع وإن لم يقتض العموم وجب أن لا يقتضيه في قوله إحداكن طالق لأنه لو عم لعم بغير مقتض وهو باطل بالإجماع ولكن لقوله رضي الله عنه غور وهو الفرق بين إيجاب القدر المشترك وتحريم القدر المشترك فالإيجاب في الكفارة إيجاب لقدر مشترك وهو مسمى احد الخصال وذلك لا يقتضي العموم كما إذا أوجب عتق رقبة وهي مشتركة بين الرقاب لم يعم سائرها وأما تحرير القدر المشترك فيلزم منه العموم لأن التحريم من باب النهي وإذا نهي عن القدر المشترك كان نهيا عن كل فرد من أفراده بطريق العموم وإذا ثبت هذا فالطلاق تحريم لأنه رافع لحل النكاح فإذا وقع في القدر المشترك وهو إحدى نسائه عم جميعهن كما لو قال: "والله لا قربت إحداكن شهرا" وأما أصحاب أحمد فإنهم قالوا إذا قال: "عبدي حر وامرأتي طالق" عتق عليه جميع عبيده وطلق جميع نسائه ولكن ليس بناء منهم على هذا المأخذ بل لأن عندهم المفرد المضاف يعم كالجمع المضاف وأما أصحاب أبي حنيفة والشافعي فلم يقولوا بالعموم في واحدة من الصورتين وقال أصحاب مالك: "إذا قال لعبيده: (أحدكم حر) كان له أن يختار من شاء منهم فيعينه للعتق ولا يعتق الجميع" قالوا: "لأن العتق قربة وطاعة لا تحريم فهو إيجاب للقدر المشترك وإن لزم منه التحريم ولهذا ولو قال: (لله على أن أعتق أحدكم) لزمه عتق