للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطعام دون غيره" فمنهم من قال هو من باب حمل المطلق على المقيد وهو فاسد كما تقدم فإنه عام وخاص ولفظه: "إذا اشتريت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه" ومنهم من قال خاص وعام تعارضا فقدم الخاص على العام وهو أفسد من الأول إذ لا تعارض بين ذكر الشيء بحكم وذكر بعضه به بعينه، ومنهم من قال هو من باب تخصيص العموم بالمفهوم وهذا المأخذ أقرب لكنه ضعيف هنا لأن الطعام هنا وإن كان مشتقا فاللقبية أغلب عليه حيث لم يلج معنى يقتضي اختصاص النهي به دون الشراب واللباس والأمتعة فالصواب التعميم.

فائدة:

قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " وفي لفظ "وترابها طهور " فقيل تخصيص الطهور بالتراب حملا للمطلق على المقيد وهو ضعيف لأنه من باب الخاص والعام. وقيل هو من باب التخصيص بالمفهوم واعترض عليه بثلاثة أمور:

أحدها: أن دلالة العموم أقوى لأنها لفظية متفق عليها.

الثاني: أنه مفهوم لقب وهو أضعف المفهومات.

الثالث: أن التخصيص بالتربة خرج لكونه غالب أجزاء الأرض والتخصيص إذا كان له سبب لم يعتبر بمفهومه.

وأجيب بأن ذكر التربة الخاصة بعد ذكر لفظ الأرض عاما في مقام بيان ما اختص به وامتن الله عليه وعلى الأمة به دليل ظاهر على اختصاص الحكم باللفظ الخاص فإن عدوله عن عطفه على اللفظ العام إلى اسم خاص بعده يتضمن زيادة اللفظ والتفريق بين الحكمين وأن الطهور متعلق بالتربة وكونها مسجدا متعلق بمسمى الأرض يفهم تقييد كل حكم بما نسب إليه وتخصيصه بما جعل خبرا عنه وهذا واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>