الشك لتعارض دليلي الطهارة والنجاسة وإن كان النجاسة لا يقاوم دليل الطهارة فإنه لم يقم على تنجيس سؤرهما دليل وغاية ما احتج به لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحمر الأهلية:"إنها رجس" والرجس هو النجس وهذا لا دليل فيه لأنه إنما نهاهم عن لحومها وقال: "إنها رجس " ولا ريب أن شحومها ميتة لا تعمل الذكاة فيها فهي رجس ولكن من أين يلزم أن تكون نجسة في حياتها حتى يكون سؤرها نجسا وليس هذا موضع هذه المسألة.
ومن هذا قولهم للدم الذي تراه المرأة بين الخمسين سنة إلى الستين أنه مشكوك فيه فتصوم وتصلي وتقضي فرض الصوم لتعارض دليلي الصحة والفساد وإن كان الصحيح أنه حيض ولا معارض لدليل كونه حيضا أصلا لا من كتاب ولا من سنة ولا إجماع ولا معقول فليس هذا مشكوكا فيه والمقصود التمثيل.
القسم الثاني: الشك العارض للمكلف بسبب اشتباه أسباب الحكم عليه وخفائها لنسيانه وذهوله أو لعدم معرفته بالسبب القاطع للشك فهذا الحكم واقع كثيرا في العيان والأفعال وهو المقصود لذكر القاعدة التي تضبط أنواعه. والضابط فيه أنه إن كان للمشكوك فيه حال قبل الشك استصحبها المكلف وبني عليها حتى يتيقن الانتقال عنها هذا ضابط مسائله. فمن ذلك إذا شك في الماء هل أصابته نجاسة أم لا؟ بني علي يقين الطهارة ولو تيقن نجاسته ثم شك هل زالت أم لا؟ بنى على يقين النجاسة.
الثالثة: إذا أحدث ثم شك هل توضأ أم لا؟ بنى على يقين الحدث ولو توضأ وشك في الحدث بنى على يقين الطهارة وفروع المسألة مبنية على هذا الأصل.
الرابعة: إذا شك الصائم في غروب الشمس لم يجز له الفطر ولو أكل أفطر ولو شك في طلوع الفجر جاز له الأكل ولو أكل لم يفطر.
الخامسة: لو شك هل صلى ثلاثة أو أربعا وهو منفرد بنى على اليقين إذ الأصل بقاء الصلاة في ذمته وإن كان إماما فعلى غالب ظنه لأن المأموم ينبهه فقد عارض الأصل هنا ظهور تنبيه المأموم على الصواب، وقال الشافعي ومالك:"يبني على اليقين مطلقا لأنه الأصل".