لنا طريق إلى اعتباره موجودا إلا بالقرعة فإذا قطعت القرعة الحق المشترك من غير المعين فلأن يعين مجهولا لا سبيل إلى تعينها إلا بها أولى وأحرى.
فإن شئت قلت إخراج المجهول أيسر من تعيين المبهم وأوسع طريقا وأقل مانعا لأن المبهم لا تثبت له حقيقة معينه بعد ولا سيما إذا كان مشتركا بين أفراد تقتضيه اقتضاء واحد فليس ثبوت التعيين لفرد أولى من ثبوته لغيره والمجهول قد ثبتت له الحقيقة أولا ثم جهلت فيكفي في الدلالة عليها أي دليل وجد وأي علامة أمكنت فإنها علامة ودليل على وجودها لا علة لأنيتها وبغير المبهم ليس دليلا محضا بل هو كالعلة لانيتها وثبوته فإذا صلحت القرعة لتعيين المبهم فلان تصلح للدلالة على المجهول بطريق الأولى ونحن لا ندعي ولا عاقل أن القرعة تجعل المخرج بها هو متعلق الحكم في نفس الأمر بل نقول إن القرعة تجعل المخرج بها متعلق الحكم ظاهرا وشرعا وهو غاية ما يقدر عليه المكلف ولم يكلفه الله علم الغيب ولا موافقة ما في نفس الأمر بل القرعة عندنا لا تزيد على البينة والنكول والأمارات الظاهرة التي هي طرق لفصل النزاع والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل:
وأما القاعدة الثالثة وهي قاعدة الشك ينبغي أن يعلم أنه ليس في الشريعة شيء مشكوك فيه البتة وإنما يعرض الشك للمكلف بتعارض أمارتين فصاعدا عده فتصير المسألة مشكوكا فيها بالنسبة إليه فهي شكية عنده وربما تكون ظنية لغيره أوله في وقت آخر وتكون قطعيه عند آخرين فكون المسألة شكية أو ظنية أو قطعية ليس وصفا ثابتا لها بل هو أمر يعرض لها عند إضافتها إلى حكم المكلف.
وإذا عرف هذا فالشك الواقع في المسائل نوعان:
أحدهما: شك سببه تعارض الأدلة والأمارات كقولهم في سؤر البغل والحمار مشكوك فيه فنتوضأ ونتيمم فهذا